!لن يُسكتونا. سنتكلم باسم أمواتنا
Traducido al árabe por un compañero
[هذا المقال يتحدث عن الفيضانات الأخيرة في إسبانيا التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص وتسببت في إصابة الكثيرين. ويمكن الاطلاع عليها هنا أيضًا باللغات الإنجليزية والإسبانية والروسية والكتالونية والفرنسية].
نعرف القصة جيداً الآن. فمئات القتلى والمئات من المفقودين ليسوا نتاج طبيعة خارجة عن السيطرة. إنها ليست نتاج قضاء وقدر لم يكن بالإمكان فعل شيء ضده.
لن نكتفي بالتفسير الصادر عن ”الأرصاد الجوية“، أو عن كميات الأمطار المتساقطة، أو عن فيضان الأنهار…
الأسباب أكثر عمقًا، لها علاقة بالأسس التي تقوم عليها الرأسمالية: كيف أنها تحشد العمال في المناطق الهامشية وذات الدخل المنخفض في المدن لمضاعفة استغلالهم، أو كيف أنها تحمي وتمنح امتيازات للنشاط الإنتاجي والتجاري دون أي اهتمام، تاركة جميع الناس دون حماية وتحت رحمة ظروفهم وسط العاصفة.
هناك أيضًا ”مدراء“ للنظام: كلاب مختلفة بطوق واحد. وفي هذه المناسبة، يضيف هؤلاء الأوغاد، هؤلاء النكرات، سواء كانوا يسمون مازون (رئيس حكومة بلنسية) أو سانشيز (رئيس الوزراء الإسباني) أو بعض البوربون (البيت الملكي الإسباني)، إلى ألقابهم المعتادة حقيقة كونهم مسؤلين عن الوفيات والمأساة التي نعيشها.
لن ننسى أسماؤهم وفي أول فرصة تتاح لنا سنجعلهم يدفعون الثمن.
الدوافع وراء هذه المذبحة
من بين العناصر التي ساهمت في هذه المجزرة، والتي كان من الممكن أن يتم تفاديها في نظام اجتماعي من نوع آخر، هي النزعة التنموية والبناء العبثي والجامح الذي هو عبارة عن طريقة لرأس المال في تقريب العمال من المدن التي يتركز فيها العمل والاستهلاك، بغض النظر عن مكان وكيفية بنائها، بأقل قدر من الجودة وفي مساحات طبيعية لطالما تدفقت فيها المياه والأنهار بشكل طبيعي.
هناك أيضًا الاتجاه الكارثي الذي تقودنا إليه الرأسمالية مع تغير المناخ، فعلى الرغم من أن انخفاض الحرارة كان دائمًا موجودًا في هذه المناطق، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط بسبب تغير المناخ يجعل شدة وتكرار السيول والأمطار الغزيرة أكبر بشكل ملحوظ. كما أن عدم الوقاية كان جزءًا من هذه المجزرة أيضًا، وهو من أكثر الأجزاء قسوة، وفي الوقت نفسه، هو الجزء الذي يُظهر بشكل أفضل أولويات جميع الدول الرأسمالية: أن يذهب البروليتاريا إلى العمل، وأن يذهب أطفالهم إلى المدارس، وألا يتغير عالم السلع والقيمة، بغض النظر عمن يجب أن يموت لتحقيق ذلك.
وبمجرد إتمام هذه الجريمة، يتم تتويجها بالفوضى في رعاية الضحايا، دون أن تقدم الدولة أي مساعدة تذكر حتى اليوم الخامس، ووضع العقبات أمام تنظيمنا الذاتي. أوضحت الدولة بشكل قاطع أن وظيفتها ليست ”رعاية الشعب“، بل رفاهية عالم المال والسلع ومصالح الطبقات المهيمنة، وفي كل الأحوال، السيطرة وقمع أي محاولة للتنظيم من الأسفل، للتضامن الإنساني.
التنظيم الذاتي العفوي
لا يمل رأس المال ووسائل إعلامه من تكرار أن البشر أنانيون بطبيعتهم. إنهم يريدون أن يفرضوا علينا ما هم عليه، وما يمثله نظام استغلالهم، نظامهم الطبقي. ما لن يتمكنوا من إخفائه هو الأعمال التضامنية والتنظيم الذاتي للكادحين وسط هذه المأساة ضد وحشية النظام الكاره للحياة. على عكس ما يعظون به، رأينا الآلاف من الرجال والنساء يقدمون مساعدتهم غير الأنانية والعاطفية في المناطق المتضررة. إنهم لا يطيقون أن يروا كيف ينظم الناس أنفسهم في البلدات والمدن لتلبية احتياجاتهم دون انتظار أن تعطيهم الدولة الضوء الأخضر. هذا ما يخيفهم: أن آلة تسجيل النقود لا تدق، وأن العديد من السلع أصبحت ذات قيمة استخدامية، يمكن الاستمتاع بها دون أن يتم شراؤها. لقد سارع الرأسماليون وإعلامهم، ذلك الخانع الذليل الذي يتقاضى أجراً جيداً من آكلي الجيف، إلى التنديد بسرقة ونهب ممتلكاتهم. ولا تحضر الدولة إلا للدفاع عن الملكية الخاصة بالدم والنار.
هل هذا بسبب حكومة فاشية؟
إن أولئك المطالبين الآن بالتظاهر ضد الحكومة ”الفاشية“ من الجناح اليساري لرأس المال هم انتهازيون يحاولون جني رأس المال السياسي من قتلانا ومن معاناتنا. إن كلا من الأحزاب السياسية اليسارية والنقابات العمالية مذنبة ومسؤولة بنفس القدر عن تعزيز وإدارة النزعة التنموية الجامحة، غير مبالين تمامًا بالبيئة الطبيعية، حيث الشيء الوحيد المهم هو مواصلة تراكم رأس المال واستخراج فائض القيمة على حساب البروليتاريا. وبالتالي فإن كلاهما وسيطان ضروريان، سياسيًا وأيديولوجيًا، يعززان الوهم بإمكانية إصلاح هذا النظام وجعله أكثر ”إنسانية“. لا يمكن أن يُطلب منهم أن يكونوا أي شيء آخر غير ما هم عليه.
حان الوقت لننعي أحباءنا المفقودين ونستعيد جثامينهم وندفنهم بكرامة. وحان الوقت أيضًا لإحكام قبضات أيدينا والصر على أسناننا. ولكن فوق فيضان المشاعر، حان الوقت لنفهم بعمق الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه المأساة. إن الشيء الأساسي الذي يجب فهمه هو أن الرأسمالية لا يمكن أن توقف حركة السلع؛ فالعمال يجب أن ينتجوا السلع في وظائفهم، و”المواطنون“ يجب أن يستهلكوا السلع المنتجة. لا يمكن إيقاف عجلة التثمين الرأسمالي مهما كان الثمن، حتى ولو بتحويل القرى إلى مصائد فئران ضخمة.
في وجه آلام شديدة ومعاناة كبيرة، من المريح أن نرى التضامن الموجود في كل مكان. خارج إطار الدولة وجميع أنواع الإدارات، يعترف العاملون والعاملات ببعضهم البعض على قدم المساواة، كإخوة وأخوات في المحنة. نحن بحاجة إلى تركيز هذه الطاقة. هناك أيام صعبة قادمة، حيث سيتضاعف العجز الذي نشعر به في مواجهة الكثير من الدمار بسبب تصرفات كل من يدعم النظام، من اليمين المتطرف بحلولهم ”الوطنية“ والعنصرية، ملوحين براية ” الشعب“ المزعوم الذي يشملنا جميعًا، إلى اليسار المتطرف، الذي سيطبخ ويطرح كل أنواع المقترحات ”الجديدة“ للإصلاحات ”الجذرية“ في تنافسهم السياسي مع اليمين.
ولكن هناك خيار آخر: أن ننقل هذا التفكير إلى من هم في محيطنا الاجتماعي، سواء في العمل أو في صفوفنا الجامعية أو بين الأصدقاء والعائلة. إن هذه المأساة تعنينا جميعًا كبروليتاريين، بغض النظر عن القطاع الذي نعيش فيه؛ يجب أن نناقش بعمق الأسباب الحقيقية، واضعين تحليل القوانين الرأسمالية في قلب النقاش. لا توجد حلول نصفية ولا حلول وسيطة. إن أي شيء أقل من مهاجمة النظام الرأسمالي من جذوره لن يؤدي إلا إلى إدامة آثاره المدمرة في كل مظهر من مظاهره. سوف يتم تنظيف الوحل وإزالة السيارات والأثاث. نأمل أن ينبثق من ذلك وعي طبقي جديد يكرّم كل الموتى، الحاضرين والماضين، ويصرخ في وجه أعدائنا، جميع السياسيين ورجال الشرطة ورجال الأعمال والمستفيدين من النظام الرأسمالي، أن ما نريده هو مجتمع بلا رأس مال، بلا مال وبلا سلع، بلا دولة؛ نريد الشيوعية. لأننا لن نسكت وسنتحدث باسم موتانا .
مجموعة ”بارباريا“ (إسبانيا)
تشرين الثاني/نوفمبر 2024